من نعيم خوري إلى شربل بعيني

ـ1ـ
يا شربل
في طريقك إلى المربد، تذكّر
أنّك شاعرٌ
بساط الريح طوع جناحيك
وقباب السماء قناطر لقدميك
لعينيك تتراقص النجيمات
وفي حناياك تتغلغل الشمس
على كفّيك تنبسط الأبعاد،
وفوق كتفيك ينشلح تاريخ طويل.
كما في طيرانك،
كذلك في شعرك،
أنت أبداً تحلّق،
تطلّ من دنيا ليست كدنيانا،
وتنسكب شلاّلات لـم تخطر ببال،
وتسرح في أخيلتنا كما لـم يسرح خيال،
تشيع فيها الحبّ والثقة والتمرّد.
ـ2ـ
يا شربل..
في طريقك إلى المربد، تذكّر:
أنّك من هذه الجالية في مطارح الشمس البعيدة،
في المقلب الآخر من الأرض
في المنافي التي صنعتها الأنظمة والمخابرات
أردأ من الزمن الرديء
كنّا ولا نزال
لأننا له طواعيّة ومستسلمون
ولأننا في عيوننا
زرعنا المخارز التي من آلامها نعاني
وفي وجداننا
غضبة العار
الذي من ويلاته نتوزّع على مزابل التاريخ
ـ3ـ
يا شربل.
في طريقك إلى المربد، تذكّر
أنّك أحلى خرافات هذه الحياة
وأجمل قراءاتها
وأصدق عناوينها
والقصائد "الـ كتبتها"
أو أنشدتها
أو أهملتها
لـم تكن حماقات
ولـم تكن حمّامات دخان
إنّها أضواء الخرافات
في عالـم يكره نفسه
لأنه يكره الحقّ
ويكره الحبّ
لتكرهه الحياة ويكرهه الموت
ـ4ـ
يا شربل
في طريقك إلى المربد، تذكّر
أنّك لست من النخبة المصابة بمرض الطليعة
أو ظاهرة الريادة
ولوثة الانحراف
بل أنّك صوت يدوي كما الرعد
ويقظة تتوثّب كما البرق
وإنّك أنت ضمير هذه الجالية المتوهّج
وقلبها الذي يحبّ الحياة
لأنه الأقوى من الموت
صدى لبنان ـ العدد 572 ـ 17 تشرين الثاني 1987
**